الأربعاء، 6 أغسطس 2008

محمد رفعت .. قشدة يا أخى !

وفقا لما جاء من بنود فى الفلك الرابع من الفصل الخامس من الفراقد تأتى هذه التدوينة



ليلة 24 / 7 على النت معتكف كعادتى ، يومض البريد بين كل ساعة وأخرى لينبأ عن دخول صديق جديد وأنا منهمك فى عملى .


يدخل أحمد شلبى فيبادئنى بالسلام على غير العادة !


أدهش لذلك وأرد متحمسا : خير مش عوايدك


شلبى : انت ما عرفتش الخبر

أنا : أى خبر

شلبى : بجد معرفتش

أنا : ......

شلبى : ......

وفى نفس الوقت تظهر عند كلينا : محمد اعتقل

والفرق الوحيد أنى أرفقت الجملة بعلامة استفهام ، وهو لم يرفق مثلها ، لقد كان تقريرا بأن محمد رفعت بيومى تم اعتقاله مساء يوم الحادى والعشرين من شهر يوليو لعام 2008 .



متى ؟ ، وكيف ؟ ، وما كان ؟ وما الذى سيكون ؟ لم آخذ وقتا فى معرفة إجابات عن هذا ، بقدر ما أخذت طول الليل أستعرض كيف كان الطريق .. أنا ورفعت




تعارف

الزمان : فى أيام ثانية ثانوى ، أما المكان فقد كان فى زاوية صغيرة بمدينة نصر واظبت على حضور صلاة الجمعة فيها ، حيث خطيبها هو الدكتور عبد الستار فتح الله سعيد رجل عركته الأيام ، وشهدت له المنابر ، ظـُلم حتى فقد إحدى عينيه فى سجون عبد الناصر الطاغية ، و انتصر حتى اهتزت له أعواد المنابر أمام آلاف المصلين ، ثم عاد بعد هاذا وذاك كالعرجون القديم يخطب فى زاويته المتواضعة تحت بيته ، ولكن بكل عزة .


من أول يوم ذهبت فيه إلى هذا المكان وأنا أرى بعد كل صلاة ذلك الفتى ذا العينين العسلاوين ، والبسمة الناصعة الصافية ، والجسم الآخذ إلى النحافة ، والحركة الخفيفة المتنقلة بين هذا وذاك ، يدور على الواقفين أمام الزاوية بعد الصلاة ، يحضن أقرانه فى مرح زائد ، ويسلم على الكبار فى حميمية ، ويداعب الصغار بطرق عجيبة ، والكل لا يفتأ أن يقول : أبو رفعت إزيك عامل إيه ؟؟


انت أبو خليل ؟ قشدة يا أخى ، هذه هى الكلمات التى من الممكن أن يستقبلك بها محمد رفعت كشخص جديد يتعرف عليه ، لا يرى أى جليد بينكما ليقوم بتذويبه ، فى لحظة واحدة يقتحم عالمك ، ويفرض نفسه على ساحتك ، ومهما كان لون ساحتك هذه ، فإن محمدا يستطيع أن يضفى عليها من الألوان ما يكسبها حيوية جديدة ، وروحا لم تطأها من قبل .



اعتكاف


الزمان : شهر رمضان بدراسة ثالثة ثانوى ، المكان : مسجد الحسن بمدينة نصر

لم يكن من السهل أن تعتكف فى مسجد يصلى فيه الدكتور خالد أبو شادى ، حيث يؤمه مئات المصلين من مدينة نصر ومصر الجديدة وما بعدهما ، وبالتالى فيمكنك أن تتخيل حجم زحام المعتكف ، الذى لن يسمح لك فيه إلا بأن تنام على جنب واحد ، ولا تتقلب يمينا فتصطدم بزراع أحمد سمير ، أو تتقلب يسارا فتصطدم بقدم محمد رفعت ، ومع ذلك فقد كان أفضل اعتكاف فى حياتى .

مع اقتراب كل أذان ينتظر المعتكفون خناقة معهودة بينى وبين رفعت على " مكريفون المسجد " ، نعم فقد كنا مدمنَى مكروفونات سواء أكان فى المدرسة أو المسجد أو حتى فى فرح ، ونتيجة المعركة لا تظهر إلا بعد صيحة " الله أكبر " التى تعلن فوز أحدنا ، أو سيطرة إبراهيم مقيم شعائر المسجد بقوة القانون ، وتعلن أيضا أن الأذان القادم للآخر ، إن حافظ جيدا على مكانه تحت المنبر ، لكن الخناقة على الأذان لم تكن كذلك على الصلاة ، فقد طلب الناس فى أحد الزوايا من يصلى بهم صلاة القيام فى الوتر من العشر الأواخر فقط ، ولا أعرف من خدع الأخ الذى أوكل لى أنا ورفعت المهمة وقال له أننا نصلح لذلك ، ولا أعرف شعور المصلين عندما رأوا شكل الإمامين اللذين سيصليان بهم القيام بعمة عجيبة تشبه عمة السندباد ( على رأى عمو الباشموهانس / رفعت ) ، على أية حال ، لم يتجاوز عددهم العشرة رجال فى أحسن الأحوال ، وكان تدريبا جيدا كى يقوم كل منا بمسجد بمفرده فى أعوام تالية .

لم أحاول فى مرة من المرات أن أحسد محمدا على مرحه أو أغبطه حتى ، ولكننى فعلت ذلك فى شىء آخر لديه ، عندما رأيت قدرته الفائقة على اختلاس أوقات يكون فيها وحيدا فريدا بين يدى كتاب الله أو قائما أو ساجدا ، داعيا وباكيا ، مختليا فى مكان - كمسجدنا الذى اعتكفنا فيه هذا - لا تتخيل أن أحدا يقدر على الخفاء فيه ، ولولا أننى رأيتها فيه فى هذه الأيام عن قرب ، لما كنت أتخيله أبدا على هذه الحالة فى أى وقت آخر بعد ذلك ، حالة يطلق عليها - بشكل مرح أيضا - إذا اقتربت منه وهو عليها : دعنى أنا فى خلوة مع الرب .



فى الحلقات القادمة إن شاء الله



معسكر - مصيف - مظاهرة - جامعة -
برنامج - حـب - اعتقال

هناك تعليقان (2):

غير معرف يقول...

جميلة ما شاء الله ..

بجد الأيام الي أنت حكيت عنها دي ..

أنا ومحمد بنفتكرها كتير وبنقول عليها دي أحلى أيام ..

أحمد أبو خليل يقول...

هى فعلا أحلى أيام يا رضوى

لكنها ستكون أحلى لو لم تكون حبيسة الصدور ثم الذكريات ، بينما تلطخ آذاننا فى كل صحيفة وإذاعة وقناة بأيام " أثيمة " لشخصيات " عقيمة " لم يشجعهم على سردها إلا صمتنا عما لدينا ، ولم يشجع الناس على قرائتها وسماعها إلا أنهم لا يجدون غيرها .

سترين أكثر فيما هو آت بإذن الله